وحدة دراسات الخلیج الفارسي

تواجد الناتو في الخليج الفارسي

انعقدت ندوة حواريّة تحت عنوان "توسّع الناتو في الخليج الفارسي في معهد دراسات الشرق الأوسط في طهران حيث تطرقت الى تواجد الناتو في الخليج الفارسيّ معتبرة ان هذا التواجد اضفى صفة العضو غير الرّسمي للدول العربيّة ويساهم في كسر توازن القوى في المنطقة كما وسيشكل تهديدا أساسيّا للأمن الإيراني على المدى الطويل.

 

حضر هذه الندوة البروفيسور "نادر انتصار" عميد كليّة العلوم السياسيّة في جامعة ألاباماي الأميركيّة الجنوبيّة، و"جواد حيران نيا" أمين قسم الخليج الفارسي في معهد دراسات الشرق الأوسط، كما تواجد أيضا الدكتور "سيد جواد صالحي" استاذ بجامعة شيراز إضافة إلى العديد من أساتذة الجامعات والباحثين.

 

وفي مستهل كلمته تحدّث البروفيسور"نادر انتصار" عن الواقع الألماني بعد انهيار جدار برلين وسقوط الإتّحاد السوفيتي وتأثيرها المستقبلي على القارة الأوروبيّة، ومدى قبول روسيا الإتحاديّة على اعتبار ألمانيا المتّحدة كركيزة أساسيّة في حلف النّاتو.

 

وتابع أنّه في المفاوضات الّتي جرت بين كورباتشوف الذي أصبح رئيسا سابقا للإتّحاد السوفيتتّي وبين مسؤولي الولايات المتحدّة تعهد الطرف الغربي أنّه إذا لم تمانع روسيا من بقاء ألمانيا في النّاتو، فإن أميركا وحلفاؤها سيضمنون عدم توسّع هذا الحلف إلى الحدود الرّوسيّة بهدف عدم إثارة الحساسيّة الروسيّة تجاه هذا الأمر.

 

وأضاف "انتصار" أن هذه التّعهدات الّتي صدرت عن لسان وزير الخارجية الأميركيّة آنذاك "جيمز بيكر" بالإضافة إلى التأكيد لعدم توسع تحالف الحرب الباردة أيّ حلف الناتو تجاه أوروبا الشّرقية لم يعمل بها وبقيت حرفا طاش في فضاء السياسة الرّحب، فارتأت الإدارة الأميركيّة وحكّام لندن أنّ ذلك هو الوقت المناسب لتوسّع النّاتو وإضافة عدد من الدول تحت مظلّة حماية الحلف في أوروبا الشرقية وذلك لانهم أدركوا ان روسيا ليس بامكانها ان تقوم باي ردة فعل وذلك بسبب موقعها الضعيف بعد تفكك الإتّحاد السوفيتّي وإن كانت تستطيع إصدار بيانات الإعتراض.

 

واوضح"نادر انتصار" أنّه بسبب الأوضاع الإقتصاديّة السّيئة لدول أوروبا الشرقيّة كان سهلا عليها الدخول الواحدة تلو الأخرى إلى حلف الناتو، ويمكن القول أنّه بعد أشهر من التّعهدات الأميركيّة إلى روسية فقد تم توسيع حلف النّاتو إلى الشرق الأوروبي وبدأت نظرته تتوسع نحو الشرق أكثر وخصوصا تجاه دول الشّرق الأوسط إن كانت الأفريقيّة أو دول الخليج الفارسي وبدا الأمر جديّا بعد العام 2004.

 

والبروفيسور في الجامعة الأميركيّة الجنوبيّة اشار الى أنّه بالرّغم من نظرة الناتو التّوسعيّة منذ العام 1994 إلى الشرق الأوسط، فإن ذلك استغرق عدة سنوات لدخوله حيّز التنفيذ وبالتحديد منذ سنوات 2000 و 2001. وقد وضع القيمين على هذا التوّسع هدفين أساسيّين: الشراكة من أجل السلام والثّاني هو حوار التعاون مع دول الشّرق الأوسط.

 

ولفت الى ان هذين الهدفين لم تكونا إلّا شعارا من أجل جذب دول الشّرق الأوسط للإنضمام بشكل غير رسميّ إلى الحلف، خصوصا الدّول الّتي تعتبر وجود الناتو ضمانا لبقائها من تهديد دول أقوى منها.

 

واعتبر انتصار أن الحرب الإسرائيلية على لبنان تعتبر مؤشرا ورسالة واضحة لإيران لما يشكله لبنان من أهميّة للايرانيين في سياساتهم في الشّرق الأوسط، لافتاً إلى وجود قواعد التّحالف وغرف العمليّات وأنظمة الصواريخ في دول الخليج الفارسي وخصوصّا السعوديّة التّي لا تتبع سياسة حسن الجوار مع إيران واستخدام أسلحة بحريّة كحاملات الطائرات في الخليج الفارسي كأول استخدام واسع بعد الحرب العالميّة الثانية معتبرًا إيّاها رسالة في غاية الاهميّة لإيران.

 

وأضاف أن هذا الحضور المكثّف للناتو يعتبر تهديد لإيران على المدى الطويل لانتهاجه سياسة تعتمد إلى كسر التّوازن. فأنظار الناتو وبعد انتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران في شباط 1979 وانهيار الإتحاد السوفيتي أوائل التسعينات قد اتجهت نحو طهران واعتبرها الهدف التالي لسياساته.

 

من جانبه اكد" جواد حیران نیا" وفي حديث له في النّدوة: عندما نتحدث عن التوسّع غير التقليدي لحلف الناتو في منطقة الشّرق الأوسط فإننا نتحدّث عن نظريات "الأمن التعاوني" أو "الأمن الشامل".

 

وأضاف أنّ أهداف توسّع الناتو إلى الشرق الأوسط بهذه الطريقة غير التقليدية وضمه أعضاء خارج الإطار التقليدي والّذي يفيد بأن أي اعتداء على أيّ من دوله يعتبر إعتداءا على الحلف بأكمله تكمن في حفظ ما يُقال عنه من وضع اليد على مصادر الطاقة، والحرب على الإرهاب والتهديدات الجديدة، وضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على الحكومات المحليّة التابعة للغرب والتي تضمن مصالحه.

 

وأضاف أنّ هذا التواجد للناتو في منطقة الخليج الفارسي سيعقّد من الاوضاع الأمنية في المنطقة معتبراً أن انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يؤدي إلى إضعاف هذا الحلف.